c627yypn912o

هل تعلم أنه عندما تصلي تضرعاً من أجل الحب في مدينة إزومو اليابانية، فإن فرص استجابة تلك الصلوات والتضرعات مضمونة؟ لا تتعجب، فكثيرون يعتقدون هناك أنه في كل عام، تحتضن هذه المدينة الساحلية تجمعاً مهيباً يضم ثمانية ملايين من الآلهة، يأتون من أجل تحديد مستقبل العلاقات بين البشر.

ولا تزال لمسة الرومانسية حاضرة في عالم السفر جواً، أو هكذا يبدو الأمر عند وصولك إلى مطار إزومو إنموسوبي في اليابان، الذي يحمل اسماً يفيض بالتفاؤل، إذ تعني كلمة إنموسوبي "ربط الأواصر"، أو كما تُعرف على نطاق أوسع بـ "التوفيق بين شركاء الحياة". كما تشمل هذه الكلمة جميع العلاقات الإنسانية التي تشكل نسيج الحياة، من الروابط العائلية والصداقة إلى العلاقات المهنية، إلا أنها غالباً تُستخدم للدلالة على العلاقات العاطفية.

ويتجلى هذا الإحساس بوضوح عند خروجك من الطائرة، إذ تجد نفسك تمر بجوار تمثال الإله المبتهج أوكينينوشي، الملقب بـ"القوة العظمى للتوفيق بين شركاء الحياة"، بينما تصطف ألواح التضرعات الخشبية (إيما)، وقد كتب عليها المسافرون أمنياتهم العاطفية.
وقد يُخيّل إليك أن المسافرين يحملون مشاعر الحب في قلوبهم وأذهانهم، وليس ذلك بمحض الصدفة، فكل من يتضرع من أجل الحب في مدينة إزومو، له حظ وفير في أن تُستجاب تضرعاته، بحسب الاعتقاد.

تقع مدينة إزومو على ساحل بحر اليابان في محافظة شيمانه، ثاني أقل محافظات اليابان كثافة سكانية، كما احتلت في عام 2023 الوجهة الأقل زيارة في البلاد. ونظراً لكونها خارج مسار قطار (الشينكانسن) فائق السرعة، تُعد واحدة من المدن القليلة في اليابان التي يكون السفر إليها بالطائرة أكثر سهولة.
وتشتهر المدينة بمعبد إزومو تايشا، الذي يُعتقد أنه أقدم معابد اليابان، وهو مكرّس للإله أوكينينوشي، الذي يُعبد في ديانة الشنتو الأصلية باعتباره خالق اليابان، وللإله إنموسوبي، إله الروابط والعلاقات، ولا سيما التوفيق بين شركاء الحياة.
وتصف مينوري مايدا، مرشدة سياحية محلية، الإله إنموسوبي بأنه "الإله الذي يتحكم في الأمور الخفية التي تعجز عيون البشر عن إدراكها، كالمصير، ويمكن وصفه بأنه إله التوفيق بين القلوب، إذ يجمع بين الناس ويمتلك قوة تفوق الوصف".
 

لذا اكتسب معبد إزومو تايشا شهرة واسعة كواحد من "بقاع الطاقة" الشهيرة في اليابان، وهو مصطلح ظهر في تسعينيات القرن الماضي للإشارة إلى المواقع التي تحيط بها الطبيعة عادة، كما يُعتقد أنها أماكن تتميز بقوى روحية خاصة تجلب الحظ السعيد، أو تحسّن الصحة، أو كما في هذه الحالة تُهيئ سبل الحب بين الباحثين عن الحب.

وعلى الرغم من أن مفهوم "بقاع الطاقة" هو مزيج غير واضح المعالم، يجمع بين ديانة الشنتو، والروحانيات العصرية، وفلسفة الفينغ شوي، إلا أن شهرتها المتزايدة على مدار العقود الأخيرة جعلت أماكن مثل إزومو وجهة سياحية جاذبة للزائرين.
وتشير بيانات نشرتها مدينة إزومو إلى أن معبد إزومو تايشا اجتذب ما يزيد على سبعة ملايين زائر في عام 2023، من بينهم نحو 350 زوجاً عقدوا قرانهم في رحابه.

بالطبع ليس كل من يزور إزومو يبحث عن الحب، لكن العدد الكبير من الأنشطة المرتبطة بالتوفيق بين شركاء الحياة هنا يدل على أن نسبة لا يُستهان بها من الزائرين للمدينة تأتي من أجل هذا الغرض.

لذا أعدت الهيئات السياحية في المدينة برامج ترفيهية خاصة تأخذ الزائرين في جولة عبر أبرز المواقع الرومانسية في إزومو، وكذا أرجاء سان-إن، بدءاً من معبد (يايغاكي)، حيث يُعتقد أن بركة مائية فيه تتنبأ بمصير العلاقات بين البشر، مروراً بقارب سياحي يضم جرساً برونزياً يُعرف باسم "جرس التوفيق"، يُقال إنه يستدعي الآلهة، وصولاً إلى محطة قطار زُينت بقلوب زاهية طُليت باللون الوردي.

Image removed.

،يبدأ تجمع الآلهة الذي يستمر سبعة أيام على شاطئ إيناسا نو هاما

بيد أنه بعيداً عن هذه الأجواء الرومانسية الحالمة، يوجد معبد (أومي) في إزومو، وهو معبد لا يحظى بذات الشهرة، إذ يقصده البعض للتضرّع من أجل ما يعرف باسم (إينريكي)، أي قطع الروابط وإنهاء العلاقات، وهو الوجه الآخر لمفهوم إنموسوبي، الذي يجمع بين قلوب المحبين.
 

تقع مدينة إزومو على بحر هائج، وتشتهر بغروب شمس ساحر للغاية لدرجة أنه مُعترف به من جانب هيئة التراث الياباني كملكية ثقافية مهمة، الأمر الذي يجعلها مدينة رومانسية بطبيعتها.

وعلى الرغم من ذلك لا يوجد مكان يجذب القلوب بقوة مثل معبد إزومو تايشا، حيث يتوجه إليه العُزّاب ويتضرّعون للإله أوكينينوشي بغية العثور على شريك العمر المناسب، وطلباً لمباركته لعلاقاتهم، كما يدوّن كثيرون أمنياتهم على إيما (ألواح التضرّعات الخشبية)، موقنين بأنها ستصل إليه مباشرة.